الفكر
الإسلامي
أخذ الله – عزّ وجلّ – العهد والميثاق على النبيّين
وأممهم بالإيمان بمحمّد – صلى الله
عليه وسلم - واتّباعه
بقلم: نزار
بن عبد الكريم بن سلطان الحمداني
هذا ولقد
أخذ الله – سبحانه وتعالى – العهد والميثاق على النبيّين الذين بعثوا قبل رسوله
محمد - صلى
الله عليه وسلم
- أن يؤمنوا هم وأممهم به ويتّبعوه - صلى الله عليه وسلم - إن هم
أدركوه . قال الله – عزّ وجلّ – :
﴿وَإِذْ أَخَذَ
اللهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَـمَا(1) آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتٰبٍ وَحِكْمَةٍ
ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ
وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ ءَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي(2)
قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشّٰهِدِيْنَ﴾
(آل عمران 81).
قال أمير
المؤمنين «علي بن أبي طالب» وابن عمه «عبد الله بن عباس» – رضي الله عنهما – : ما
بعث الله نبياً من الأنبياء إلا أخذ عليه الميثاق: لئن بعث الله محمداً – وذلكم النبي
حي – ليؤمننَّ به ولينصرنّه، وأمره أن يأخذ الميثاق على أمته: لئن بُعث محمّد –
وهم أحياء – ليؤمنُنَّ به ولينصُرُنَّه(3).
ولهذا فإن من
أعرض عن رسالة محمّد - صلى الله عليه وسلم - فقد ضلّ
سواء السبيل، ولو كان متبعًا نبيًّا غيره بزعمه؛ لذلك قال الله – سبحانه وتعالى –
إثّر آية الميثاق المذكورة:
﴿فَمَنْ
تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفٰسِقُـونَ﴾ (آل
عمران82).
وقد قال النبي -
صلى
الله عليه وسلم
- لعمر بن الخطاب(4) – رضي الله عنه – :
(والذي نفسي
بيده لو أصبح فيكم «موسى» ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم، إنكم حظي من الأمم وأنا
حظّكم من النبيين).
بل لو كان نبيُّ
الله موسى – عليه السلام – حياً كان لابد له من اتّباع رسول الله محمد - صلى
الله عليه وسلم
- ، فقد قال – عليه الصلاة والسلام – :
(.. والذي نفسي
بيده لو أنَّ موسى - صلى الله عليه وسلم - كان حيًّا ما وسعه
إلا أن يتَّبعني)(5).
وفي بعض
الأحاديث: (لوكان موسى وعيسى حيّين، لما وسعهما إلا اتّباعي)(6).
فالرسول محمّد
خاتم الأنبياء – صلوات الله وسلامه عليه دائماً إلى يوم الدين – هو الإمام الأعظم
الذي لو وجد في أي عصر. وجد لكان هو الواجب الطاعة المقدم على الأنبياء كلهم؛
ولهذا كان إمامهم ليلة الإسراء لما اجتمعوا ببيت المقدس، وكذلك هو الشفيع في
المحشر في إتيان الربِّ – جلَّ جلاله – لفصل القضاء بين عباده وهو المقام المحمود
الذي لايليق إلّا له – والذي يحيد عنه أُولو العزم من الأنبياء والمرسلين حتى
تنتهي النوبة إليه، فيكون هوالمخصوص به، صلوات الله وسلامه عليه(7).
والآية السابقة
نصّت على أخذ الميثاق من النبيّين أن يؤمنوا بمحمّد - صلى
الله عليه وسلم
- وينصروه، لكن الآيةَ السّابعة والثمانين بعد المائة(187) من سورة آل عمران نفسها
نصّت على أخذ ميثاق الذين أوتوا الكتاب(8)
وعرفوا محمداً - صلى الله
عليه وسلم - وعلموا الحق الذي بعث به أن يبينوا ذلك كله ولا يكتمونه؛
لأن الناس تبعٌ لعلمائهم وإضلالهم وهدايتهم مرهونة بهم، فقال – عزّ من قائل – :
﴿وَإِذْ
أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتٰبَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ
وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا
قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ﴾ (آل عمران 187).
قال العلامة ابن
كثير – يرحمه الله – مفسراً الآية:
هذا توبيخ من
الله وتهديد لأهل الكتاب الذين أخذ الله عليهم العهد على ألسنة الأنبياء أن يؤمنوا
بمحمّد - صلى
الله عليه وسلم
- وأن يُنَوِّهُوْا بذكره فيكونوا على أهبة من أمره، فإذا أرسله الله تابعوه،
فكتموا ذلك، وتعوضوا عما وعدوا عليه من الخير في الدنيا والآخرة بالدون الطفيف،
والحظ الدنيوي السخيف، فبئست الصفقة صفقتهم، وبئست البيعة بيعتهم.
فعلى العلماء أن
يبذلوا ما بأيديهم من العلم النافع الدّال على العمل الصالح، ولايكتموا منه شيئًا،
فقد ورد في الحديث المروي من طرق متعدّدة عن النبي - صلى
الله عليه وسلم
- أنه قال:
(من سُئِلَ عن
علم فكتمه أُلْجِمَ يوم القيامة بلجام(9) من نار(10)). ا.هـ(11).
إن أحبار يهود
والنصارى يتحملون المسؤولية كاملةً لعدم تبليغهم الحق أتباعهم، وعدم بيان الحقيقة
لهم ويبوؤن بإثمهم وإثم أتباعهم لكتمانهم الحق وقد أُمروا بتبليغه وبيانه وحذّرهم
الله سبحانه من أن يخشوا الناس أو أن يشتروا بآيات الله ثمناً تافهاً من جاه زائف
زائل أو زينة دنيوية سراب. فتدَبَّرْ قول الله تعالى، وأمعن النظر فيه، وافهم:
﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا
هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ
هَادُوا وَالرَّبّٰنِيُّوْنَ وَالأحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا(12) مِنْ كِتٰبِ
الله وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا
تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ
فَأُولَئِكَ هُمُ الْكٰفِرُوْنَ﴾ (المائدة 44).
وقال – سبحانه
وتعالى – في شأن ميثاق النصارى خاصة:
﴿وَمِنَ
الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا
مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ
إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللهُ بِمَا كَانُوا
يَصْنَعُونَ﴾ (المائدة 14).
قال ابن كثير
مفسراً:
أي: ومن الذين
ادّعوا لأنفسهم أنهم نصارى متابعون المسيح ابن مريم – عليه السلام - ، وليسوا
كذلك، أخذنا عليهم العهود والمواثيق على متابعة الرسول - صلى
الله عليه وسلم
-، ومناصرته، ومؤازرته، واقتفاء آثاره، وعلى الإيمان بكل نبي يرسله الله إلى
الأرض، ففعلوا كما فعل اليهود: خالفوا المواثيق ونقضوا العهود.. ، فألقينا بينهم
العداوة والبغضاء لبعضهم بعضاً، ولايزالون كذلك إلى قيام السّاعة.
ولذلك طوائف
النصارى على اختلاف أجناسهم لايزالون متباغضين، متعادين، يُكَفِّرُ بعضهم بعضاً،
ويلعن بعضهم بعضاً، فكل فرقة تحرّم الأخرى ولاتدعها تلج معبدها، فالملكية(13)
تُكَفِّرُ اليعقوبية(14)، وكذلك الآخرون، وكذلك النِّسْطوريّة(15) والآريوسية(16)
كل طائفة تكفِّر الأخرى في هذه الدنيا ويوم يقوم الأشهاد. ثم قال –تعالى-:
﴿وَسَوْفَ
يُنَبِّئُهُمُ اللهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾.
وهذا تهديدٌ
ووعيد أكيد للنّصارى على ما ارتكبوه من الكذب على الله ورسوله، وما نسبوه إلى
الربِّ – عزّ وجلَّ وتعالى وتقدّس عن قولهم علواً كبيراً – من جعلهم له صاحبةً
وولداً، تعالى الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له
كفواً أحد(17).
ولاشك ولاريب أن
من لم يؤمن بمحمّد - صلى الله عليه وسلم - نبياً ورسولاً من
الله إلى الخلق أجمعين، فهو كافر مكذب لله ربّ العالمين إذ لم يصدقه فيما أرسل ولم
يطعه فيما أمر، وهو كافر ومكذب أيضاً لنبيه وكتابه المنزل اللذين بشَّرا بمحمّد - صلى
الله عليه وسلم
- وأمرا بطاعته واتّباعه، فهو بذلك مستحق لسخط الله والنار. عياذاً بالله.
ولقد جمعني ذات
يوم – من أيام سنة 1414هـ (1994م) مجلسٌ في بيت أحد الفضلاء بحي «الزهراء» بمكّة
المكرمة برجل من «أمريكا» زائر، وهو دكتور يُدرّس في إحدى الجامعات الأمريكية
تاريخ الأديان، ذكر – في جملة ما كان يتحدث به – أن أحد تلاميذه من يهود – وأثنى
على أخلاقه وحسن أدبه – سأله قائلاً: هل تعتقد أن اليهود مصيرهم إلى النار؟ فأحرج
الأستاذ فما كان منه إلا أن ينفي ذلك، ولقد كذب الأستاذ على ربه سبحانه وعلى نبيه
- صلى
الله عليه وسلم
- المبلّغ عن الله – عزّ وجلّ – وعلى نفسه وعلى تلميذه اليهودي وعلى سامعيه، وسبب
موقفه المشين وجوابه الكاذب خشيته الناس واستحياؤه منهم، ونسي أن الله أحق أن
يُخشى وأولى أن يُستحى منه؛ ذلك أن الله – تعالى – الذي خلق الخلق مؤمنهم وكافرهم
هو الذي حكم على الكافرين بالنار، وللمؤمنين بالجنة.
قال سبحانه
وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتٰبِ
وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خٰلِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ
شَرُّ الْبَرِيَّةِ (٦) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ
أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (٧) جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنّٰتُ
عَدْنٍ﴾ (البينة). وقال نبي الهدى محمد - صلى
الله عليه وسلم
- (من سمع بي من أمتي أو يهودي أو نصراني فلم يؤمن بي لم يدخل الجنة)(18).
وما الرسل ومن بعدهم
من العلماء الوارثين علمهم إلا مبلّغين عن الله شرائعه وأحكامه.
وكان الواجب على
هذ الدكتور وغيره من المسلمين الذين يتعاملون مع اليهود والنصارى أن لايخاف في
الله لومة لائم، وأن يقول لهذا اليهودي ومن على شاكلته إذا ما صدر منه مثل هذا السؤال:
يا هذا أنا وأنت في هذه القضية سواء، فمن آمن بجميع الأنبياء والرسل – عليهم
الصّلاة والسّلام – الذين أمرنا الله – سبحانه – بالإيمان بهم دون تفريق بين أحد
منهم فهو مؤمن بالله موعود برضوانه والجنة، ومن كفر بواحد من أنبياء الله ومرسليه،
فهو كافر بالله مستحق لغضبه وسوء عقابه، فأنا المسلم إذا لم أومن إيماناً صادقاً
وجازماً بنبوة موسى أو عيسى – على نبينا وعليهما الصّلاة والسلام – فأنا لم أو من
بمحمّد - صلى
الله عليه وسلم
- وإن زعمت أنني مسلم، وبالتالي فأنا كافر بالله «عياذاً بالله».
وأنت أيّها
اليهودي «أو النصراني» كذلك، إذا لم تؤمن برسول الله محمّد - صلى
الله عليه وسلم
- فإنك لم تؤمن بموسى ولا بعيسى المبشِّرَيْن ببعثة رسول الله محمد - صلى
الله عليه وسلم
- الآمرين أتباعهما بالإيمان به إن هو بُعث وعلموا ببعثته، وبالتالي فأنت كافر
بالله مستحق لدخول النار، وبئس المصير. فاختر لنفسك.
قال تعالى:
﴿أَفَمَنْ
كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ (١٨) أَمَّا
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ فَلَهُمْ جَنّٰتُ
الْمَأْوَى نُزُلا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٩) وَأَمَّا الَّذِينَ
فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا
أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ
تُكَذِّبُونَ (٢٠) (السجدة).
وقال جلّ شأنه:
﴿أَفَنَجْعَلُ
الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ(36)﴾
(القلم).
فهذا – إن شاء
الله – جواب منصف لا حرج فيه – إذا تحرج من تحرج – بل إنه مقنع لمن نشد الحق
والحقيقة، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
* * *
الهوامش :
بفتح اللام للابتداء، أو دخلت لتوكيد معنى
القسم؛ لأن أخذ الميثاق قسم في المعنى. وبكسرها متعلقة بـ«أخذ»، و«ما» موصولة على
الوجهين، أي الذي. «سبل الهدى:1/90».
أي عهدي وميثاقي الشديد المؤكد.
ابن كثير: 1/386. وانظر سبل الهدى: 1/90. وقال
طاوس والحسن البصري وقتادة: أخذ الله ميثاق النبيين أن يصدّق بعضهم بعضاً. قال ابن
كثير: وهذا لايضاد ما قاله علي وابن عباس ولا ينفيه، بل يستلزمه ويقتضيه.
عندما جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -
فقال: يا رسول الله، إني مررت بأخ لي من قريظة فكتب لي جوامع من التوراة، ألا
أعرضها عليك؟ قال: فتغير وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . قال عبد الله «هو
ابن ثابت، راوي الحديث»: فقلت له: ألا ترى ما بوجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- . فقال عمر: رضينا بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم -
رسولاً. قال: فسُرّي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: .. «الحديث». مسند
الإمام أحمد: 3/470-471. ابن كثير: 1/386.
رواه الإمام أحمد «3/387» عن جابر بن عبد الله:
أن عمر بن الخطاب أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بكتاب أصابه من بعض أهل
الكتاب، فقرأه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فغضب، فقال: أمتهوِّ كون فيها يا
ابن الخطاب؟!، والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية، لا تسألوهم عن شيء
فيخبروكم بحق فتكذبوا به، أو بباطل فتصدقوا به. «الحديث».
ابن كثير: 1/386.
ابن كثير: 1/386. وانظر كلام تقي الدين السبكي
في هذه القضية فقد أجاد، نقله في سبل الهدى: 1/91.
وهم اليهود والنصارى، والمراد هنا علماؤهم.
اللجام آلة توضع في فم الفرس ليسهل قياده،
جمعه: لُجُم، مثل: كتاب وكتب. «وانظر المصباح: لجم».
ورواه الإمام أحمد «2/296 و 353» عن أبي هريرة.
ابن كثير: 1/445-446.
قال أبو عبيدة : بما استودعوا من كتاب الله.
انظر صحيح البخاري: 9/84. وفتح الباري: 13/147.
أو الملكانية أو الملكيّون: طائفة من النصارى
منتشرة في سورية ومصر وفلسطين، وكنيستهم تسمى: كنيسة الروم، ويتكلم معظمهم
العربية، وبطريركهم يقيم في دمشق والقاهرة. سُمّوا الملكيين؛ لأنهم أيدوا قرار
مجمع خلقدونية عام 451م ضد المذهب القائل بالطبيعة الواحدة للمسيح ذلك القرار الذي
تبناه الامبراطور «مرقيانوس»، فلقبهم مخالفوهم – إزدراءً لهم – بالملكيين. انضم
فرع منهم إلى الكنيسة الكاثوليكية، فهم يعترفون برئاسة «بابا روما»، ويسمّون:
الروم الكاثوليك. والفرع الثاني هم الروم الأرثوذكس. ويعتقدون أن الله – تعالى –
عبارة عن ثلاثة أشياء: أب، وابن، وروح القدس، كلها لم تزل، وأن عيسى عليه السلام
إله تام كله، وإنسان تام كله، ليس أحدهما غير الآخر، وأن الإنسان منه هو الذي صُلب
وقُتل، وأن الإله منه لم ينله شيء من ذلك، وأن مريم ولدت الإله والإنسان، وأنهما –
معا – شيء واحد: ابن الله. تعالى الله عن كفرهم. انظر: الفصل في الملل والأهواء
والنحل لابن حزم: 1/110 وهامشها، والمنجد «الأعلام»: 684.
أو اليعاقبة، نسبة إلى يعقوب البردعي أسقف
الرها «541-578م»، «المنجد (الأعلام): 750». ولغتهم السريانية، يعيشون في مصر
والنوبة والحبشة. عقيدتهم: أن المسيح هو الله – تعالى – كان في بطن مريم محمولا
به. انظر الفصل: 1/111 وهامشها.
أو النساطرة، نسبة إلى نسطوريوس "Nestorius" بطريرك القسطنطينية «428م»، والكنيسة النسطورية مقرها فارس،
وتدعى أحيانا بالكنيسة الآشورية، ولايزال لها أتباع في العراق وإيران والهند
ومقالتهم كمقالة الملكانية، إلا أنهم قالوا: إن مريم لم تلد الإله، وإنما ولدت
الإنسان، وأن الله – تعالى – لم يلد الإنسان وإنما ولد الإله. تعالى الله عن
كفرهم. انظر الفصل: 1/111 وهامشها، والمنجد (الأعلام): 708.
الآريوسية: نسبة إلى أريوس "Arius" : كاهن إسكندري قال: إن «الكلمة» غير مساوٍ للأب في الجوهر،
فحرمه المجمع النيقاوي «325م». «المنجد
(الأعلام):3».
ابن كثير: 2/35.
رواه أحمد عن أبي موسى الأشعري «المسند: 4/396
و 398»؛ وانظر ابن كثير: 2/265-266».
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، ربيع الأول 1433 هـ = فــــبرايـــر
2012م ، العدد : 3 ، السنة : 36